
اضطراب طيف التوحد وإدارة الوقت
ترجمة: أ. شروق السبيعي
استراتيجيات لتحديد الوقت
بقلم: الدكتورة كاثرين ليمان
الدكتورة كاثرين ليمان، حاصلة على درجة الدكتوراه في علم النفس
إجابة اليوم من عالمة النفس كاثرين ليمان، من مركز اضطراب طيف التوحد واضطرابات النمو في المركز الطبي بجامعة بيتسبرغ.
لقد قرأتُ مؤخرًا دراسات تشير إلى أن الأشخاص المشخصين باضطراب طيف التوحد يواجهون صعوبة في قياس الوقت وتتبع مروره، وهذا بالضبط ما كنت أشعر به منذ صغري. هل تعاني من نفس الشيء؟ هل لديك نصائح يمكن أن تساعدني في تحسين قدرتي على إدارة الوقت؟
شكرًا لك على طرح هذا السؤال المهم. إنه سؤال مثير جدًا ويعكس جانبًا مشتركًا بين العديد من الأشخاص المشخصين باضطراب طيف التوحد. ومع ذلك، لا توجد إجابة واحدة ثابتة تناسب الجميع لأن كل شخص يختلف عن الآخر، لكن يمكننا تبادل بعض النصائح التي قد تكون مفيدة.
إدراك الوقت عند الأشخاص المشخصين باضطراب طيف التوحد
يبدو أن ما تشير إليه يرتبط بإدراك الوقت، أي الطريقة التي يفهم بها الدماغ مرور الوقت. إدراك الوقت عملية معقدة يشارك فيها أكثر من جزء في الدماغ، مثل النوى القاعدية والجهاز المخيخي، وهما مرتبطان بالتحكم في الحركات الجسدية و الإحساس بالوقت. وتشير الأبحاث إلى أن إدراك الوقت عند الأشخاص المشخصين باضطراب طيف التوحد قد يختلف عن الأشخاص الذين ليس لديهم هذا الاضطراب.
لقد قام الباحثون بدراسة إدراك الوقت لدى الأشخاص بشكل عام لفترة طويلة. وفي الآونة الأخيرة، تم التركيز على دراسة إدراك الوقت لدى الأشخاص المشخصين باضطراب طيف التوحد.
أحد أبرز الاكتشافات هو أن بعض الأشخاص المشخصين بهذا الاضطراب قد يكون إدراكهم للوقت مختلفًا. اكتشف باحثون آخرون أن العديد من الأشخاص المشخصين باضطراب طيف التوحد يواجهون صعوبة في إدراك الوقت، بينما وجد آخرون أن إدراك الوقت قد يكون نقطة قوة لدى بعضهم. في الواقع، قد يظهر على بعض الأشخاص المشخصين باضطراب طيف التوحد قدرة استثنائية في مهارات معينة، مثل تحديد مدة الوقت بدقة.
إعادة تحديد مدة الوقت تشير إلى المهمة التجريبية التي يُطلب فيها من الأشخاص محاكاة المدة الزمنية التي سمعوها في إشارات سابقة. على سبيل المثال، قد يُطلب من الشخص الضغط على جرس لمدة تساوي تمامًا المدة التي سمعها عند سماع جرس آخر. وقد تكون هذه المهارات قوية جدًا عند بعض الأشخاص المشخصين باضطراب طيف التوحد، حيث تم توثيق ذلك في العديد من الدراسات التي تناولت “إعادة تحديد الوقت” كإحدى المهارات التقديرية المميزة لهذه الفئة.
بالإضافة إلى ذلك، تشير بعض الدراسات إلى أن العديد من الأشخاص المشخصين باضطراب طيف التوحد يواجهون صعوبة في تحديد الوقت وتتبع مروره، ما يؤثر بشكل كبير على جوانب حياتهم اليومية. في تجربتي العملية، لاحظت أن هذه المشكلة تتكرر كثيرًا. بعض الأشخاص يجدون صعوبة في فهم مفاهيم مثل “غدًا” أو “الأسبوع الماضي”، كما يصعب عليهم تقدير الوقت اللازم لإتمام المهام. في بعض الحالات، يعاني الأشخاص من صعوبة شديدة في تقدير الوقت، مما يؤدي إلى مبالغتهم في تقدير الوقت اللازم لإنجاز الأنشطة، أو تقليلهم للمدة الزمنية المطلوبة.
يمكن أن ينتج عن ذلك مجموعة من الصعوبات، بدءًا من صعوبة فهم مفاهيم مثل “غدًا” أو “الأسبوع الماضي”، إلى التقليل الكبير للوقت الذي سيستغرقه إتمام المهمة. بالنسبة لبعض الأشخاص، يمكن أن تشمل صعوبة تقدير الوقت أيضًا مشاكل في متابعة تسلسل الأحداث وفهم كيفية تطور الأحداث في حياتهم.
نصائح للأشخاص المشخصين باضطراب طيف التوحد على إدارة الوقت
فيما يلي بعض النصائح التي ساعدت عملائي على إدارة الوقت بشكل أكثر فعالية، والتي يمكن أن تكون مفيدة:
- كونوا مراقبين لوقتكم. أحد الحلول التي أستخدمها مع عملائي هي تشجيعهم على تقدير الوقت الذي يتوقعون أن يستغرقه النشاط. ثم مقارنة تقديراتهم بالوقت الفعلي الذي استغرقه النشاط. من خلال القيام بذلك بشكل منتظم، يمكنهم التعرف على ما إذا كانوا يميلون إلى المبالغة في تقدير الوقت أو التقليل منه. يمكن أن يكون من المفيد أن يحتفظوا بمخطط أو دفتر ملاحظات لتوثيق هذه المقارنات، مما يساعدهم على “ضبط” تقديرهم للوقت بناء على الخبرات السابقة.
- استخدام وسائل الدعم البصرية. تعتبر الوسائل البصرية من الطرق الفعالة لتتبع الوقت لدى العديد من الأشخاص المشخصين باضطراب طيف التوحد. يمكن أن يشمل ذلك استخدام أدوات مثل المؤقت المزود بقرص دوار أو الساعة التناظرية ذات العقارب المتحركة. من خلال استخدام هذه الأدوات بانتظام، يمكن تعزيز إدراك الأشخاص للوقت ومساعدتهم في متابعة المهام بشكل أفضل. في بعض الحالات، يمكن أيضًا إعداد جدول بصري يوضح المهام والمواعيد اليومية، مع إضافة صور بجانب الأوقات المحددة لتسهيل تذكر الأنشطة.
- استخدام التنبيهات والإشعارات على الأجهزة الذكية. إذا لم تكونوا قد جربتم ذلك بعد، ففكروا في استخدام التنبيهات على الهاتف الذكي أو الكمبيوتر أو الساعة الذكية أو أي جهاز آخر لتذكيركم بالمهام القادمة. شخصيًا، لا أستطيع الاستغناء عن التنبيهات التي تظهر على جهازي، حيث تبدأ بالظهور قبل 15 دقيقة من الموعد أو المهمة، وتنبهني كل 5 دقائق. هذه الطريقة يمكن أن تكون مفيدة جدًا خاصة عندما يتعلق الأمر بالمهام الروتينية المتكررة مثل تلك المتعلقة بحزم الأمتعة في العمل أو الاستعداد للانتقال إلى محطة النقل.
- جعل المفاهيم ملموسة. من خلال سؤالك، أستطيع أن أستنتج أنك تدرك بشكل عام مفهوم الوقت، لكن بالنسبة للبعض، قد يكون من الصعب فهم ذلك. في ممارستي، وجدت أن استخدام صور ذهنية تتناسب مع مستوى الأشخاص واهتماماتهم يساعد بشكل كبير. على سبيل المثال، قد يستجيب البعض بشكل أفضل للعبارات اليومية مثل “سنقوم بذلك بعد الإفطار” أو “سنفعل ذلك بعد الغداء”، بينما قد يفضل آخرون شرحًا أكاديميًا أكثر عمقًا، مثل توضيح كيف يؤثر مرور اليوم على دوران الأرض.
آمل أن تكون هذه النصائح مفيدة. نحن بحاجة ماسة إلى المزيد من الأبحاث لفهم هذه الصعوبة المشتركة بشكل أفضل، بهدف تطوير حلول أكثر فعالية وتدخلات تساعد الأشخاص المشخصين باضطراب طيف التوحد في إدارة وقتهم بشكل أفضل.
المرجع :
Autism and time management h