
كيفية مساعدة أطفالكم المشخصين باضطراب طيف التوحد على تكوين صداقات
ترجمة: أ. شروق السبيعي
تُعدّ الصداقة جزءًا أساسيًا من الطفولة، حيث تُساهم في تشكيل شعور الانتماء عند الأطفال، وتقدير الذات، والسعادة. بالنسبة للأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد، قد يُشكّل تكوين الصداقات تحديًا في بعض الأحيان بسبب الاختلاف في التواصل الاجتماعي، أو الحساسيات الحسية، أو صعوبة في فهم المعايير الاجتماعية.
ومع ذلك، مع التوجيه والدعم والصبر المناسبين، يمكن للأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد أن يقوموا بتكوين صداقات هادفة تُثري حياتهم. قد يُعبّر البعض عن حماسهم أو يُخففون من توترهم من خلال القيام بسلوكيات مثل فرك اليدين، التي قد تكون جزءًا طبيعيًا من تواصلهم ومعالجتهم الحسية.
إن مساعدة أطفالكم المشخصين باضطراب طيف التوحد على تكوين صداقات لا تعني إجبارهم على المشاركة في المواقف الاجتماعية أو توقع أن يقوموا بنفس سلوكيات الأطفال العاديين، بل تعني إدراك نقاط قوتهم الفريدة، واحترام راحتهم، وتوفير بيئة مناسبة لتمكين نمو الروابط الاجتماعية بشكل طبيعي.
إليكم بعض النصائح التي قد تساعدكم في دعم أطفالكم المشخصين باضطراب طيف التوحد لتكوين صداقات بشكل أفضل.
فهم الصعوبات الاجتماعية التي يواجهها الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد
يواجه العديد من الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد صعوبات في المهارات الاجتماعية، ولكن الأسباب تختلف. قد يجد بعضهم صعوبة في فهم لغة الجسد أو تعابير الوجه، مما يجعل من الصعب عليهم تفسير ما يفكر فيه الآخرون أو يشعرون به. وقد يكون لدى الآخرين اهتمامات قوية تسيطر على المحادثات، مما يُصعّب تبادل الآراء.
يمكن أن تلعب الحساسيات الحسية أيضًا دورًا – فقد تكون البيئات المزعجة أو الأوضاع الاجتماعية غير المتوقعة مرهقة.
إن فهم هذه الصعوبات هي الخطوة الأولى لمساعدة الأطفال على تكوين صداقاتهم. فبدلاً من التركيز على “تعديل” الأساليب الاجتماعية المختلفة، ينبغي أن يكون الهدف هو دعمهم في التواصل مع أقرانهم بطريقة طبيعية ومريحة.
إنشاء بيئة داعمة اجتماعيًا
تلعب بيئة الأطفال دورًا هامًا في تشكيل تجاربهم الاجتماعية. يزدهر بعض الأطفال في بيئات منظمة ذات قواعد واضحة، بينما ينجح آخرون في أنشطة اللعب الحر التي تمنحهم فرصة للتفاعل مع الآخرين من خلال اهتماماتهم الخاصة واستكشافها بطريقة طبيعية.
والمفتاح هو توفير الفرص التي يشعر فيها الأطفال بالأمان والقبول، مع تشجيعهم على التفاعل بالوتيرة التي تناسبهم.
الأنشطة المنظمة مثل نوادي LEGO أو فرق الروبوتات أو دروس الفنون قد تُوفّر فرصًا مثالية لتعزيز التفاعل الاجتماعي.
من المفيد أيضًا إنشاء روتين اجتماعي منتظم يمكن التنبؤ به. فعندما يعلم الأطفال أنهم سيلتقون بالأصدقاء أنفسهم في الحديقة كل مساء سبت، فإن هذا الانتظام يُساهم في خفض شعورهم بالقلق ويجعل التفاعلات الاجتماعية أسهل وأكثر سلاسة.
تعليم المهارات الاجتماعية بطريقة طبيعية
بعض المهارات الاجتماعية قد تأتي تلقائيًا عند الأطفال غير المشخصين باضطراب طيف التوحد، لكن الأطفال المشخّصين باضطراب طيف التوحد قد يحتاجون إلى توجيه واضح لفهم الإشارات الاجتماعية، وتبادل الأدوار، والتفاعل المناسب في المحادثات. من الممكن تقديم هذه المهارات بطريقة ممتعة بعيدًا عن الملل، ويمكن دمجها في الروتين اليومي بطريقة ممتعة وعملية.
على سبيل المثال، إذا كان أطفالكم يواجهون صعوبة في بدء المحادثات، يمكنكم ممارسة عبارات بسيطة لبدء المحادثات في المنزل. يمكن أيضًا أن يكون لعب الأدوار استراتيجية مفيدة.
استراتيجية أخرى فعالة هي استخدام القصص الاجتماعية؛ وهي قصص قصيرة تساعد الأطفال على فهم المواقف الاجتماعية وتعلم كيفية الاستجابة لهذه المواقف بطريقة مناسبة. هذه القصص تقوم بخفض الشعور بالقلق وتعزز الثقة بالنفس في المواقف الاجتماعية.
دعم تكوين الصداقات من خلال الاهتمامات المشتركة
من أفضل الطرق لدعم الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد في تكوين الصداقات هي من خلال الأنشطة التي يستمتعون بها حقًا. عندما يشارك الأطفال في نشاط يُحبونه، يكونون أكثر استعدادًا للتفاعل مع الآخرين.
ابحثوا عن نوادٍ أو مجموعات أو برامج مجتمعية تتوافق مع اهتماماتهم. فإذا كانوا يحبون الحيوانات، يمكن الانضمام إلى برامج العلاج من خلال الحيوانات الأليفة أو القيام بزيارات جماعية إلى مزارع الحيوانات. وإذا كانوا يحبون ألعاب الفيديو، تعد المجتمعات الالكترونية المنظمة بيئة آمنة ومريحة لهم للتفاعل.
في بعض الأحيان، الصداقات لا تتعين أن تتبع النمط التقليدي للعلاقات بين الأقران. بعض الأطفال قد يشعرون بالراحة أكثر ويتفاعلون بشكل أفضل مع أقران أكبر أو أصغر منهم، قد يشعرون بالراحة أيضاً في التواصل مع البالغين الذين يشاركونهم نفس الاهتمامات. إن قبول هذا التنوع يساعد الأطفال على الشعور بالانتماء والراحة الاجتماعية، حتى وإن كانوا لا يتبعون النمط التقليدي لعلاقاتهم.
مساعدة الأطفال على التعامل مع المشاكل الاجتماعية
جميع الصداقات تمر بتقلبات، وتعلّم مهارات التعامل مع الخلافات يُعد أمرًا أساسيًا. قد يجد الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد صعوبة في فهم مشاعر الآخرين أو في التعامل مع الإحباط الناتج عن المواقف الاجتماعية.
إحدى الطرق لدعمهم هي مساعدتهم على التعرف على المشاعر. التحدث عن المشاعر في المواقف اليومية، واستخدام وسائل بصرية مثل مخططات المشاعر، أو مشاهدة البرامج التي تبرز التفاعلات الاجتماعية يمكن أن تساعدهم على تطوير الوعي بالمشاعر.
عند حدوث خلاف مع صديق، بدلاً من التدخل المباشر، فإن توجيههم من خلال حل المشكلة قد يكون أكثر فاعلية من التدخل الفوري
اطرحوا عليهم أسئلة مفتوحة مثل: “كيف تعتقدون أن أصدقائكم شعروا في تلك اللحظة؟” أو “ما الذي يمكن فعله لإصلاح الوضع؟” كما يمكن أن يكون تقديم نصوص جاهزة للاعتذار أو لحل النزاعات خطوة مفيدة.
دعم الصداقات دون فرضها
من المهم أن نتذكّر أن ليس كل الأطفال يرغبون في تفاعل اجتماعي مستمر. بعض الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد يكونون سعداء تمامًا بوجود عدد محدود من الصداقات، أو يكتفون بصديق واحد مقرّب. الضغط عليهم للمشاركة في مواقف اجتماعية مكثفة قد يؤدي إلى الإرهاق.
التركيز يجب أن يكون على جودة العلاقة وليس على عدد الأصدقاء. فصداقة واحدة قوية تعني أكثر بكثير من عدة علاقات سطحية.
يجب أن يكون التفاعل الاجتماعي دائمًا وفقًا لراحة الأطفال ورغبتهم. فإذا كانوا بحاجة إلى فترات راحة من التفاعل الاجتماعي، احترموا حدودهم. وإذا فضّلوا الصداقات عبر الإنترنت على اللقاءات المباشرة، فهذا أيضًا أمر مقبول تمامًا. الهدف هو دعم نموهم الاجتماعي بطرق تتماشى مع احتياجاتهم ومستوى راحتهم.
الأفكار الختامية
مساعدة الأطفال المشخّصين باضطراب طيف التوحد على تكوين صداقات هي رحلة تتطلب الصبر، والفهم، والمرونة. لا توجد طريقة واحدة تناسب الجميع، ولكن من خلال التركيز على نقاط قوتهم، وخلق فرص مناسبة للتواصل، وتقبّل طريقتهم الفريدة في التفاعل، يمكننا دعمهم في بناء علاقات تساهم في تعزيز سعادتهم وإحساسهم بالانتماء.
المرجع:
How to Help Your Autistic Child Make Friends
https://goldencaretherapy.com/how-to-help-your-autistic-child-make-friends/