
كيفية التعرف على أعراض التعب عند الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد
ترجمة : أ. شروق السبيعي
قد يكون التعب عند الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد معقدًا ويصعب تشخيصه. فعلى عكس الأطفال العاديين، الذين قد يُعبّرون عن شعورهم بالتعب من خلال التواصل اللفظي الواضح أو إظهار سلوكيات مباشرة كالتثاؤب والبطء في الاستجابة، غالبًا ما يظهر التعب عند الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد بشكل أقل وضوحًا. وقد يتعقد الأمر أكثر بسبب مشاكل الصحة النفسية، مثل القلق أو الضغط الحسي الزائد، واللذان قد يُخفيان أو يُفاقمان علامات التعب.
قد تكون استجاباتهم للتعب مرتبطة بالحساسيات الحسية، وصعوبة في التحكم بالمشاعر، بالإضافة إلى أساليب التكيف التي يتبعونها.
من المهم فهم أعراض التعب عند الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد، لأن التعب الغير المعالج قد يؤدي إلى تفاقم الانهيارات العصبية، وصعوبة التعلم، وتراجع الصحة العامة. لنكتشف معًا كيف يمكنك القيام بذلك.
التغيرات في السلوك والمزاج
من المؤشرات الرئيسية للتعب لدى الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد تغير ملحوظ في السلوك. فالأطفال الذين عادةً ما يكونون هادئين ومنشغلين قد يصبحون فجأةً سريعو الانفعال، أو قلقين، أو منعزلين.
قد يظهر على بعض الأطفال زيادة في النشاط الحركي كطريقة لمقاومة التعب، بينما قد يُصاب آخرون بالخمول وعدم الاستجابة للمحفزات. قد يلاحظ الآباء زيادة في نوبات الغضب أو الإحباط بسبب مواقف بسيطة، وهي التي يتمكن الأطفال من التعامل معها بشكل أفضل عندما يحصلون على قسط كافٍ من الراحة.
بالنسبة للأطفال غير الناطقين، تُعتبر ملاحظة التغيرات السلوكية أمرًا بالغ الأهمية. إذا بدأوا الأطفال في إظهار سلوكيات نمطية متكررة مثل التأرجح أو رفرفة اليدين أو الدوران، فقد يكون ذلك مؤشرًا على شعورهم بالإرهاق والتعب.
يمكن أن تكون هذه السلوكيات التي يظهرها الأطفال في بعض الأحيان وسيلة لتنظيم أنفسهم عندما يكونون متعبين للغاية لدرجة أنهم لا يستطيعون التعامل مع بيئتهم بفعالية.
الحساسيات الحسية والضغط الزائد
قد يزيد التعب من حساسية الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد. فالأطفال الذين عادةً ما يتقبلون بعض الملامس أو الأصوات أو الأضواء قد يجدونها فجأةً غير محتملة عندما يكونون متعبين.
قد يتجلى التعب الحسي في تجنب الأضواء الساطعة، أو تغطية الأذنين بشكل متكرر، أو رفض ارتداء الملابس التي اعتادوا تحملها. قد يؤدي التفاعل المتزايد مع المحفزات الحسية إلى انسحاب الأطفال، مما يجعلهم يتجنبون التفاعل مع محيطهم ويفضلون العزلة.
وقد يلاحظ الآباء أيضًا أن قدرة أطفالهم على التعامل مع الأصوات اليومية تكون منخفضة، مثل الثرثرة في الخلفية، أو الأجهزة المنزلية، أو أصوات حركة المرور.
قد تصبح هذه الأصوات مزعجة، مسببةً انزعاجًا أو توترًا. إذا بدأ الأطفال الذين عادةً ما يستمتعون بأنشطة أو بيئات معينة في تجنبها، فقد يكون هذا مؤشرًا على صعوبة التعامل مع المحفزات الحسية بسبب التعب.
تغيرات في أنماط النوم
رغم أن التعب غالبًا ما يرتبط بقلة النوم، إلا أنه قد ينتج أيضًا عن سوء جودة النوم. يعاني العديد من الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد من اضطرابات النوم، مثل صعوبة النوم، أو الاستيقاظ المتكرر طوال الليل، أو الاستيقاظ مبكرًا جدًا.
إذا كان الأطفال يتبعون روتين نوم منتظم، ثم بدأوا في مواجهة صعوبات في النوم، فقد يكون ذلك مؤشرًا على تراكم التعب لديهم.
يمكن أيضًا ملاحظة تغيرات في أنماط النوم المرتبطة بالتعب من خلال سلوك الأطفال أثناء النوم. مثل زيادة مقاومة النوم، الاستيقاظ المتكرر، أو حتى النوم المفرط، وهي جميعها مؤشرات على وجود مشكلة تؤثر على مستويات طاقتهم.
قد يعاني بعض الأطفال من كوابيس ليلية أو يواجهون صعوبة في الانتقال بين دورات النوم، مما يؤدي إلى نوم مضطرب ويساهم في الشعور بالتعب.
صعوبة التركيز والتعلم
عندما يشعر الأطفال بالتعب، تنخفض قدرتهم على التركيز والتعلم بشكل كبير. قد يواجه الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد الذين يعتمدون غالبًا على التعلم المنظم والروتيني، صعوبة في اتباع التعليمات أو إتمام المهام التي اعتادوا إتمامها بسهولة. قد تتباطأ قدرتهم على معالجة المعلومات، مما يجعل من الصعب عليهم المشاركة في حل المشكلات أو استرجاع المعلومات.
قد يبدو الأطفال المتعبون وكأنهم “يتراجعون” أثناء الأنشطة، أو يحدقون في الفراغ، أو يجيبون على الأسئلة بشكل أبطأ من المعتاد. قد يواجهون أيضًا صعوبة في الانتقال من مهمة إلى أخرى، حيث تصبح التنقلات بين الأنشطة أكثر صعوبة من المعتاد. هذا وقد يؤدي ذلك إلى الشعور بالإحباط عند الأطفال ومن حولهم، حيث قد يظهرون وكأنهم لا يتعاونون، لكن في الحقيقة يكون دماغهم مرهقًا للغاية لدرجة أنه لا يعمل بكامل طاقته.
زيادة الاعتماد على السلوكيات النمطية أو الراحة
غالبًا ما تزداد السلوكيات النمطية عندما يشعر الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد بالتوتر أو الإرهاق أو التعب.
إذا بدأ الأطفال في ممارسة حركات متكررة أكثر من المعتاد، فقد يكون ذلك علامة على أن أجسامهم تحاول التكيف مع التعب. كما أن سلوكيات الراحة، مثل مص الإبهام، أو فرك قطعة القماش، أو مشاهدة الفيديو نفسه مرارًا، قد تكون مؤشرات على أن الأطفال يعانون من التعب ويبحثون عن محفزات مألوفة ومهدئة.
من المهم التمييز بين السلوكيات النمطية المعتادة، التي تعد جزءًا طبيعيًا من تنظيم الذات لدى العديد من الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد، والسلوكيات المفرطة التي قد تعرقل الأنشطة اليومية. عندما يكون التعب هو السبب الرئيسي، قد تصبح هذه السلوكيات أكثر كثافة أو يصعب إيقافها، مما يدل على أن الأطفال يجدون صعوبة في التحكم في مستويات طاقتهم.
العلامات الجسدية للتعب
في حين أن العديد من أعراض التعب لدى الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد تعتمد على السلوك أو الحس، إلا أن هناك أيضًا علامات جسدية يجب الانتباه إليها.
قد يعاني بعض الأطفال من الصداع، أو يبدو عليهم الشحوب، أو يفركون عيونهم باستمرار. وقد يظهر على الآخرين هالات سوداء تحت أعينهم، أو يظهرون اضطرابًا في التوازن، أو يتعثرون بالأشياء، أو يواجهون صعوبة أكبر في التنسيق مقارنةً بما هو معتاد.
قد يواجه بعض الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد صعوبة في التعرف على انزعاجهم الجسدي أو التعب الناتج عنه، لذا قد لا يعبرون عن شعورهم بالتعب بالكلمات. بدلاً من ذلك، قد تظهر على أجسامهم علامات غير مباشرة، مثل تدلي الجسم، تباطؤ في الحركة، أو انخفاض عام في النشاط.
إن الاهتمام بهذه المؤشرات الجسدية يمكن أن تساعد الآباء على إدراك متى يكون هناك حاجة إلى الراحة.
إدارة التعب والوقاية منه
يُعدّ التعرّف على التعب مُبكرًا أمرًا ضروريًا للوقاية من التعب والانهيارات العصبية. ولمساعدة الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد على الحفاظ على مستويات الطاقة الصحية، يمكن للآباء اتباع عدة أساليب:
إنشاء روتين نوم منتظم
يمكن أن يؤدي اتباع روتين نوم منتظم مع أنشطة مهدئة، وتقليل وقت استخدام الشاشات، وتوفير وسائل راحة إلى تحسين جودة النوم.
مراقبة الضغط الحسي الزائد
يساعد تقليل المحفزات، واستخدام سماعات الرأس المانعة للأصوات، وتوفير مساحة هادئة على تنظيم المدخلات الحسية ومنع التعب.
تشجيع فترات الراحة
فترات الراحة المنتظمة تساعد الأطفال على استعادة طاقتهم، مما يقيهم من التعب الناتج من الأنشطة الاجتماعية أو المجهدة.
من خلال التعرف المبكر على أعراض التعب وتعديل الروتين اليومي بناءً على ذلك، يمكن للآباء مساعدة الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد على الشعور بالراحة وتحقيق أفضل أداء لديهم.
المرجع:
How to Recognize Fatigue Symptoms in Children with Autism
https://goldencaretherapy.com/fatigue-symptoms-in-children-with-autism/